الحن والبن هم خلق من خلق الله، ليسوا من البشر ولا من الجن، خُلقوا قبل الجن واستوطنوا الأرض في أزمان غابرة، فقتلوا بعضهم بعضًا، وارتكبوا المعاصي وسفكوا الدماء وعصوا الله، فسلط رب العزة الجن عليهم، فقتلوهم وشردوهم ومزقوهم بعد أن قامت معركة كبيرة على الأرض بين الحن والبن من جهة، والجن من جهة أخرى، وتقابل الطرفان في مواجهة عنيفة وحاسمة، انتهت بانتصار الجن على الحن والبن، ومنذ تلك غابت هذه المخلوقات، ولا أحد يعرف هل تمت إبادتهم نهائيًا، أم هربوا إلى مكان ما في هذا الكون.
هناك من يعتقد أن يأجوج ومأجوج هم أنفسهم الحن والبن، وهربوا إلى جبال القوقاز بعد خسارة المعركة مع الجن، ثم ظهروا بعد نزول البشر للأرض، وفتكوا بقبائل الإنس، حتى جاء ذو القرنين وحجزهم خلف السد الذي شيده من الحديد والنحاس ويخرجون آخر الزمان.
تأكيد وجود مخلوقات قبل البشر
حقيقة وجود هذه السلالة التي ذكرتُها، لا تتعارض
مع الرواية القرآنية بخصوص ظهور مخلوقات قبلنا، فحين أخبر الله ملائكته بأنني "جاعل في الأرض خليفة"، والخَلف لا يأتي إلا بعد سلف أي قوم قبل
الخلف، قالوا عن سابق تجربة "أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء؟" واتفق المفسرون على أنهم لم يكونوا من الجن، بدليل "يسفك الدماء" فهل للجن دماء؟ يقول المؤرخ المسعودي: "خلق الله قبل آدم ثمانيًا وعشرين أمة على خَلق مختلفة"، وذكر منهم:
1- ذوات أجنحة وكلامهم قرقعة.
2- ما له أبدان كالأسود ورؤوس كالطير ولهم شعور
وأذناب وكلامهم دوي.
3- ما له وجهان واحد من قبله والآخر من خلفه وأرجل كثيرة.
وبعد انتصار الجن على الحن والبن في المعركة الكبيرة، استفرد الجان بالأرض وسكنوها لوحدهم، ومضت السنين، وبدل أن يداوموا الشكر للرب على ما أنعم عليهم من النعم، فسدوا في الأرض وتقاتلوا فيما بينهم وعاث الجن في الأرض الفساد وعصوا ربهم وابتعدوا عن طاعته، فأمر الرب جنوده من الملائكة بغزو الأرض لاجتثاث الشر الذي عمها وعقاب بني الجن على إفسادهم فيها، وغزت الملائكة الأرض وقتلت من قتلت وشردت من شردت من الجن، وفرّ الجن واختبأوا في الجزر والبحار وأعالي الجبال، وبنهاية المعركة وجد الملائكة صبيًا صغيرًا من الجن لم يقتلوه، بل أخذوه معهم وصعدوا به إلى السماء، فتربى مع الملائكة وكان يقلدهم في التسبيح والعبادة لله حتى غدا من أشد الملائكة اجتهادًا وأكثرهم علمًا وعبادة وتقديسًا لله، فما من مكان بين الأرض والسماء إلا وسجد فيه، فأطلقت عليه الملائكة اسم عزازيل، وكان من أشرف الملائكة ومن رتبة أولي الأجنحة الأربعة، فصار أميرًا لملائكة سماء الدنيا.
هذا الصبي هو إبليس! سنين مضت وأخبر الله ملائكته أنه سيخلق بشرًا، فخلق آدم عليه السلام، وأمر الله الملائكة أن يسجدوا لآدم تشريفًا وتعظيمًا له، فسجدوا جميعًا، ولكن إبليس رفض أن يسجد وتكبر على أمر ربه، فسأله الله وهو أعلم: "يا إبليس، ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي؟ أستكبرت أم كنت من العالين؟"، فرد إبليس في غرور: "أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين"، فطرده الله -عز وجل- من رحمته وجعله طريدًا ملعونًا.
قال تعالى: "فاخرج منها فإنك رجيم وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين"، فازداد إبليس كراهية لآدم وذريته، ووجد الملعون طريقة لإغواء آدم، فعصا آدم ربه، وهنا عاقب الله آدم بالخروج من الجنة والهبوط إلى الأرض التي يسكنها الجن ولم يستطع إبليس زحزحة آدم عن الأرض، لكنه نجح في إحداث فتنة بين أولاده، بدأت بقتل قابيل لأخيه هابيل، وبعد موت آدم بفترة وعندما تكاثرت ذريته وشعر الجن أن البشر صاروا ينافسونهم على الأرض، ظهرت الجن عيانًا للبشر، وجمع إبليس جموعه وأعد عدته للفتك بالإنس ونشوة انتصارهم على الحن والبن تقودهم لمواجهة البشر، وفي هذا الوقت الحرج ظهر من ذرية آدم رجل عظيم وقوي، وهو "مهلاييل بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم"، والذي سيقود البشر في معركة كبرى وفاصلة مع الجن.
شاهد أيضًا: ملابس وأحذية مصنوعة من جلود البشر
كان مهلاييل يلقب باسم "ملك الأقاليم السبعة"، وذلك لقيامه بتقطيع الأشجار، وقام ببناء المدن
والحصون العظيمة والكبارئ، كما كان على أتم استعداد لمواجهة الجن في معركة كبيرة،
وفي الرواية الشهيرة لـ ”الحافظ ابن كثير" عن كتابه الشهير البداية والنهاية، التي تحدث فيها عن المعركة التي حدثت بين
الإنس والجن على الأرض وقال من خلالها:
«أن مهلاييل قام بتأسيس أقوى جيش من الإنس لمواجهة الجن في معركة كبيرة، إذا حاول الجن التعدي على الأرض والاستيلاء عليها، وذلك للدفاع عن مدينتيّ بابل والسوس الأقصى عندما حاول إبليس والجنود الخاصة به الهجوم على هذه المدن، تصدى له جيش مهلاييل وقتل الكثير من جيش إبليس وفروا هاربين، وكانت أهم نتائج هذه المعركة هي القضاء نهائيًا عن ”الغيلان”.
المراجع:
من كتاب البداية والنهاية لابن كثير.
شاهد أيضًا: حقيقة لعبة مريم Mariam
ولمزيد من القصص المُرعبة والحقائق العلمية حول العالم تابعوا المدونة وقوموا بزيارتنا دائمًا.
إرسال تعليق